تعمل الدول على جذب الاستثمارات العالمية خاصة الدول النامية بما يمكنها من تحقيق عدد من المبادئ الاقتصادية ذات الأولوية القصوى في إدارة أمور الدولة وتحسين ظروف حياة المواطن، حيث أن الاستثمار الأجنبي المباشر يمثل فرصة مباشرة لزيادة حجم الأصول النقدية للدولة بما يمكنها من القدرة على تحقيق معدلات نمو مرتفعة يمكن ترجمتها على أرض الواقع بزيادة معدلات فرص العمل وانخفاض معدلات البطالة وزيادة دخل الفرد السنوي وزيادة مساهمة الفرد في حجم الناتج المحلي.
يخضع الاستثمار الأجنبي المباشر لعدد من العوامل المقيدة ذات الأولوية في بعض الأحيان مثل حجم الحرية الاقتصادية ومستوى البنية التحتية ومدى الاستقرار الأمني والسياسي.
جذب الاستثمارات العالمية
المستثمرون الدوليون هم أفراد أو شركات مقرها خارج الولاية القضائية للدولة تخطط لضخ أصولها النقدية في مشروع ما استثماري داخل الدولة، حيث أصبحت الاستثمارات الأجنبية المباشرة ركيزة أساسية للحكومات والشركات حول العالم فمن خلال الاستحواذ على حصة مسيطرة في الأصول الأجنبية تستطيع الشركات اقتناء منتجات وتقنيات جديدة وبيع منتجاتها الحالية في أسواق جديدة كما تستطيع الحكومات خلق فرص عمل وتحسين النمو الاقتصادي.
تؤثر عدة عوامل حاسمة على قدرة الدولة على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر من بينها:
- الحرية الاقتصادية.
- المؤسسات وسيادة القانون كمحددات أساسية.
- المشهد الاقتصادي العام وآفاق الازدهار على المدى الطويل.
العلاقة بين الحرية والاستثمار الأجنبي المباشر
مؤشر الحرية الصادر عن المجلس الأطلسي يلعب دور هام في تقييم التفاعل الدقيق بين بيئة الحرية في الدولة وجذب الاستثمارات العالمية، تقيم هذه الأداة الشاملة المستوى العام للحرية في الدولة عبر الأبعاد الاقتصادية والسياسية والقانونية، وتظهر الدول المصنفة على أنها حرة قدرتها على تحقيق جذب أفضل للاستثمارات.
غالبا ما تعاني الاقتصادات المصنفة غير الحرة من ضعف في معدلات الاستثمار الأجنبي نتيجة عدد من المشاكل مثل:
- عدم الاستقرار السياسي.
- ضعف حقوق الملكية.
- ارتفاع مستويات الفساد.
تؤدي هذه العوامل إلى تآكل ثقة المستثمرين وتعيق تدفق رأس المال الأجنبي ما ينتج عنه ارتفاع في مؤشرات الاقتصاد السلبية مثل زيادة معدلات البطالة وضعف الناتج المحلى.
الأمن والاستثمار الأجنبي
يعتبر الأمن أحد أهم العوامل المؤثرة في جذب الاستثمارات العالمية حيث يعطي المستثمرون الأولوية للدول ذات المستويات الأمنية العالية لحماية استثماراتهم من مختلف المخاطر والتي تشمل:
- عدم الاستقرار السياسي.
- الاضطرابات المدنية.
- تهديدات الممتلكات.
تضمن البيئة الآمنة حماية الشركات والموظفين والأصول ما يعزز الثقة بين المستثمرين، ما يساهم في الحفاظ على الدولة كوجهة مستقرة وآمنة للاستثمار الأجنبي، في المقابل تجد الدول التي تواجه تحديات في الحرية القانونية والأمن صعوبات في جذب الاستثمار الأجنبي ويشمل ذلك الدول ذات الأنظمة القانونية الضعيفة والفساد والإجراءات الأمنية غير الكافية حيث يصبح غياب الحماية القانونية والأمن عائق يمنع تدفق رأس المال.
أنواع الاستثمار الأجنبي
جذب الاستثمارات العالمية يمكن أم يتم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة
الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة | الاستثمارات الأجنبية المباشرة |
|
|
إيجابيات وسلبيات الاستثمار الأجنبي
جذب الاستثمارات العالمية يمكن أن يحقق عدد من الميزات كما يمكن أن يكون له أثر جانبي في بعض الأحيان
الإيجابيات | السلبيات |
|
|
حجم الاستثمار الأجنبي العالمي 2024
انخفض معدل جذب الاستثمارات العالمية وحجم الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) عالميا بنسبة 8% في عام 2024 “باستثناء التدفقات المالية عبر اقتصادات الممر الأوروبية”، وباحتساب هذه الاقتصادات وصل الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي إلى ما يقدر بـ 1.4 تريليون دولار بزيادة قدرها 11% عن عام 2023.
شهدت إعلانات المشاريع الجديدة (Greenfield project announcements) خاصة في القطاعات الصناعية، انخفاض معتدل بنسبة 8% في العدد و 7% في القيمة، وعلى الرغم من هذا الانخفاض ظلت قيمة المشاريع الجديدة مرتفعة لتحتل المرتبة الثانية بعد الرقم القياسي الذي تحقق في عام 2023 مدفوعة باستثمارات واسعة النطاق في تصنيع أشباه الموصلات وتقنيات الذكاء الاصطناعي.
تراجعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الاقتصادات النامية بنسبة 2% في 2024 مرة أخرى بعد انخفاض بنسبة 6% في عام 2023، وانخفضت إعلانات الاستثمارات في المشاريع الجديدة بالبلدان النامية بنسبة 6% في العدد و24% في القيمة، كما تراجع تمويل المشاريع الدولية بنسبة 23% في العدد و33% في القيمة.
ارتفعت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إلى أفريقيا بشكل كبير بزيادة 84% لتصل إلى ما يقدر بـ 94 مليار دولار وهي أعلى قيمة مسجلة على الإطلاق، وقد كان هذا الارتفاع مدفوعا إلى حد كبير بصفقة تمويل مشروع دولي واحدة في مصر لتطوير شبه جزيرة رأس الحكمة من قبل شركة ADQ صندوق استثمار سيادي إماراتي، وباستثناء الزيادة في مصر ظلت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى أفريقيا مرتفعة بنسبة 23%، لكنها بقيت متواضعة عند حوالي 50 مليار دولار.
شاهد المزيد: ماهي الأسهم الحرة؟ وأبرز مميزاته
الاستثمار الأجنبي في منطقة الشرق الأوسط
يستمر التوجه العام في الشرق الأوسط نحو جذب الاستثمارات العالمية حيث تسعى الحكومات المحلية إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وفي عام 2024 كشفت المملكة العربية السعودية عن قانون استثمار جديد دخل حيز التنفيذ في فبراير 2025، ويحل هذا القانون الاستثماري الجديد محل قانون الاستثمار السابق بإطار مصمم لجذب الاستثمار الدولي من خلال ضمان المساواة بين المستثمرين المحليين والأجانب.
يدخل قانون الاستثمار الجديد تغييرات جوهرية على المشهد الاستثماري في المملكة العربية السعودية من خلال استبدال عملية الترخيص التقليدية بنظام تسجيل مبسط يرسي حماية للمستثمرين من خلال آليات شفافة لتسوية الشكاوى ويقر بحقوقهم في الوصول إلى قنوات بديلة لتسوية النزاعات بما في ذلك التحكيم والوساطة.
في يناير 2024 أطلقت الهيئة العامة للاستثمار الأجنبي في مصر بوابة إلكترونية واحدة للمستثمرين لتقديم طلبات التأسيس ودفع الرسوم وتوقيع المستندات إلكترونيًا وتلقي النتائج ما يسهل عملية التقديم للمستثمرين الأجانب.
جهود مصر في جذب الاستثمارات الأجنبية
تستهدف مصر جذب 42 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في السنة المالية 2025-2026 حيث تتطلع إلى استثمار تدفقات العام الماضي والتي تضمنت اتفاقية رأس الحكمة التاريخية بقيمة 35 مليار دولار.
ارتفع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 6 مليارات دولار أمريكي في النصف الأول من عام 2024-2025 مقارنة بـ 5.5 مليار دولار أمريكي خلال الفترة نفسها من العام السابق، وجاء الجزء الأكبر من هذا الرقم من القطاعات غير النفطية بقيادة الاستثمارات الجديدة وعمليات شراء العقارات من قبل غير المقيمين والأرباح المعاد استثمارها.
تستهدف الحكومة زيادة احتياطيات النقد الأجنبي إلى 52 مليار دولار أمريكي بنهاية السنة المالية 2028-2029 كما تهدف إلى زيادة حصة القطاع الخاص من إجمالي الاستثمارات إلى 63% في السنة المالية 2025-2026 و68% بحلول 2028-2029، وذلك ارتفاعا من 30% فقط في السنة المالية 2021-2022.
اقرأ المزيد: أهم ملامح الاستثمار في البنية التحتية المصرية
تعمل منطقة الشرق الأوسط على جذب الاستثمارات العالمية في ظل مؤشرات توتر عالمية تنبئ بحالة من الاتجاه للتحوط بدلا من الاستثمار الفعال وفي سبيل ذلك تسعى مصر بخطوات حثيثة لبذل جهودها في توفير بيئة جاذبة أمنة مستقرة تعزز أهدافها الاستراتيجية كقوة اقليمية عظمى.