يعد دور البنوك المركزية في الأسواق المالية من المحاور الأساسية في فهم توازن الاقتصاد المحلي والعالمي، إذ إن البنك المركزي، لا يقتصر دوره على إصدار العملة أو إدارة الاحتياطات النقدية، بل يمتد تأثيره ليشمل ضبط حركة السيولة داخل الأسواق والتحكم بأسعار الفائدة والتدخل عند الحاجة لتحقيق الاستقرار المالي.
عبر أدواته المختلفة مثل السياسات النقدية التوسعية، أو الانكماشية يستطيع البنك المركزي التأثير على قرارات المستثمرين، وعلى معدلات التضخم وحتى على أسعار صرف العملات.
يزداد هذا الدور أهمية خلال فترات الأزمات المالية، أو التضخم المرتفع؛ بحيث تتحول الأنظار إلى البنك المركزي باعتباره جهة إنقاذ وتوجيه للأسواق، لذلك في حال كنت ترغب في التعرف على تفاصيل أكثر عن هذا الموضوع تابعنا حتى النهاية.
دور البنوك المركزية في الأسواق المالية
تلعب البنوك المركزية دوراً مهماً في توجيه وتحفيز الأسواق المالية نظراً لما تمتلكه من أدوات تؤثر على حركة الاقتصاد ومؤشرات السوق، ووفق ما ورد في موقع انفست فإن فهم هذا الدور يعتبر عنصر أساسي لتحليل الواقع الاقتصادي، واستشراف المستقبل المالي، ويمكن عرض دور البنوك المركزية في الأسواق المالية على النحو التالي:
- من خلال رفع أو خفض سعر الفائدة الأساسي تؤثر البنوك المركزية بشكل مباشر على تكلفة الاقتراض، مما ينعكس على استثمارات الشركات والمستهلكين، وبالتالي على حركة السوق.
- تعمل البنوك المركزية على ضبط معدل التضخم لضمان استقرار الأسعار عبر السياسات النقدية الانكماشية، أو التوسعية، مما يحافظ على القوة الشرائية ويمنح المستثمرين ثقة أكبر.
- من خلال عمليات السوق المفتوحة، واحتياطي البنوك تسيطر البنوك المركزية على كمية النقد المتاح في النظام المالي، مما يؤثر على قدرة البنوك على الإقراض وتحريك رؤوس الأموال.
- تسعى البنوك المركزية للحفاظ على استقرار سعر صرف العملة، وهو ما يؤثر بدوره على الصادرات والواردات والتدفقات الاستثمارية الأجنبية.
- خلال الفترات الحرجة مثل الكساد أو الأزمات البنكية تتدخل البنوك المركزية لتنفيذ سياسات استثنائية لدعم الأسواق، وضمان استقرارها.
ما هي البنوك المركزية؟
تعتبر البنوك المركزية هي الجهة العليا المسؤولة عن إدارة السياسة النقدية للدولة، مما يجعلها تلعب دوراً محورياً في تنظيم الاقتصاد الوطني، وضمان استقراره، وتتمثل مهمتها الأساسية في تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي، والسيطرة على التضخم بجانب الحفاظ على استقرار العملة الوطنية.
فالبنك المركزي لا يعتبر كياناً تجارياً يسعى للربح، بل مؤسسة مستقلة تعمل وفق سياسات حكومية واضحة وتشرف على البنوك التجارية، وتضع القواعد التنظيمية لها لضمان استقرار النظام المالي، كما يتولى إصدار العملة الرسمية للدولة والتحكم في حجم المعروض النقدي داخل الأسواق.
يتمثل أهم دور البنوك المركزية في الأسواق المالية في إدارة أسعار الفائدة بحيث يقوم برفعها أو خفضها؛ وفقاً لاحتياجات الاقتصاد، إلى جانب أنه يتدخل في الأسواق من خلال عمليات السوق المفتوحة التي تستخدم لضبط السيولة، وفي الأوقات الحرجة مثل الأزمات المالية يكون البنك المركزي هو الجهة التي تلجأ إليها الحكومات، والمؤسسات لدعم الاقتصاد.
شاهد أيضًا: مستقبل الاستثمار في التكنولوجيا المالية.. فرصة واعدة للاستثمار طويل الأجل
بذلك تعتبر البنوك المركزية هي العمود الفقري لأي اقتصاد لأنها تقود السياسات النقدية وتعمل كصمام أمان أمام التقلبات الاقتصادية، وتساهم في تحقيق الاستقرار المالي طويل الأمد.
صلاحيات البنك المركزي
يعد البنك المركزي هو الجهة العليا المسؤولة عن السياسة النقدية، ويتمتع بصلاحيات واسعة تمكنه من إدارة الاقتصاد، والتحكم في الأدوات المالية والنقدية، بما يخدم استقرار الدولة، وتمتد صلاحياته لتشمل الجوانب التالية:
- يتمثل دور البنوك المركزية في الأسواق المالية في إصدار العملة الرسمية والتحكم في كميتها بما يتوافق مع الاحتياجات الاقتصادية، ويمنع التضخم أو الانكماش النقدي.
- يمتلك البنك المركزي السلطة الكاملة في رفع أو خفض أسعار الفائدة الأساسية، مما يؤثر بشكل مباشر على معدلات الإقراض، والإدخار، والاستثمار في البلاد.
- يشرف على احتياجات الدولة من النقد الأجنبي، والذهب، ويستخدمها لدعم العملة المحلية أو التدخل في السوق عند الحاجة.
- يرخص للبنوك، ويشرف على أعمالها لضمان التزامها بالقوانين، ويضع القواعد والحدود المتعلقة بنسبة الاحتياطي الإلزامي، أو الحد الائتماني.
- يقرر البنك المركزي السياسات المتعلقة بالسيولة النقدية، وسرعة تداول الأموال باستخدام أدوات مثل عمليات السوق المفتوحة.
- يتابع معدلات التضخم بشكل مستمر، ويتخذ الإجراءات المناسبة للحد من اتفاع الأسعار أو استقرارها بما يضمن قوة العملة.
- يلعب دور المقرض الأخير في حالات الأزمات المصرفية ويضخ السيولة لحماية النظام المالي من الانهيار.
اقرأ المزيد: ما هي أنواع التداول في العملات الرقمية وأهم آليات استخدامها؟
أدوات انتقال السياسة النقدية
بصدد حديثنا عن دور البنوك المركزية في الأسواق المالية، سوف نوضح أدوات انتقال السياسة النقدية والتي تلعب دوراً مهماً في قدرة البنوك المركزية على التأثير في الاقتصاد الكلي، وذلك من خلال توجيه السيولة وأسعار الفائدة ومستويات التضخم، ويعتمد انتقال السياسة النقدية على مجموعة من الأدوات الأساسية التي تعمل بتناغم لضبط المعروض النقدي، ويمكن عرض تلك الأدوات على النحو التالي:
طباعة الأموال
تعتبر طباعة الأموال إحدى الأدوات المباشرة التي يستخدمها البنك المركزي لزيادة المعروض النقدي في الأسواق، وتستخدم تلك الأداة عادة في حالات الركود أو الانكماش الاقتصادي بحيث يتم ضخ سيولة، إضافية لتحفيز الإنفاق والإنتاج، وعلى الرغم من بساطة هذه الأداة إلا أن استخدامها يتطلب حذراً شديداً، لأن الإفراط فيها قد يترتب عنه تضخم مفرط، وبالتالي إضعاف العملة المحلية وفقدان الثقة في النظام المالي.
تحديد متطلبات الاحتياطي
تجبر البنوك التجارية بموجب تعليمات البنك المركزي على الاحتفاظ بنسبة معينة من ودائع العملاء كاحتياطي إلزامي، لأنه عند رفع هذه النسبة تقل قدرة البنوك على الإقراض، مما يقلل السيولة في السوق ويبطئ النشاط الاقتصادي، وفي المقابل عند خفض هذه النسبة تتوسع قدرة البنوك على تقديم القروض، وتعزز حركة المال داخل الاقتصاد؛ مما ينعكس على معدلات الاستثمار والاستهلاك.
عمليات السوق المفتوح
استكمالاً لحديثنا عن دور البنوك المركزية في الأسواق المالية، سوف نتحدث عن عمليات السوق المفتوح، والتي تتضمن قيام البنك المركزي بشراء، أو بيع السندات الحكومية في السوق المفتوح، فعند شراء السندات يضخ البنك سيولة في النظام المصرفي، مما يقلل من أسعار الفائدة ويحفز الإقراض والإنفاق، أما عند بيع السندات يتم سحب السيولة من السوق؛ مما يرفع أسعار الفائدة، كما يكبح التضخم.
التيسير الكمي والتشديد الكمي
بعد التعرف على دور البنوك المركزية في الأسواق المالية، سوف نتحدث عن سياسات التيسير الكمي، والتشديد الكمي، واللذان يعدان من الأدوات غير التقليدية، والتي تلجأ إليها البنوك المركزية عند تعقد الأوضاع الاقتصادية، خصوصاً عندما لا تكفي أدوات السياسة النقدية التقليدية مثل أسعار الفائدة، إذ إن التيسير الكمي هو إجراء يتضمن قيام البنك المركزي بشراء أصول مالية مثل السندات الحكومية، أو أصول مدعومة بالرهن العقاري من السوق المفتوحة بهدف ضخ سيولة ضخمة في النظام المالي وخفض أسعار الفائدة طويلة الأجل خاصة في حالات الركود أو ضعف الطلب.
أما التشديد الكمي فهو عملية معاكسة تماماً لأن البنك المركزي يبدأ فيها بتقليص ميزانيته العمومية عبر بيع الأصول، والتي تم شراؤها مسبقاً، أو التوقف عن إعادة استثمار العائدات من الأصول المنتهية، وذلك بهدف امتصاص السيولة الفائضة من السوق والسيطرة على مستويات التضخم المرتفعة التي قد تنشاً نتيجة فترات التيسير الطويلة.
لا يقتصر دور البنوك المركزية في الأسواق المالية على مراقبة التضخم فقط بل يمتد إلى توجيه السيولة وتحقيق الاستقرار النقدي والتعامل مع المتغيرات العالمية مما يجعلها عنصراً أساسياً في دعم الاقتصاد الوطني والعالمي.
الأسئلة الشائعة
ما هو الدور الأساسي للبنوك المركزية في الأسواق المالية؟
البنوك المركزية تشرف على السياسات النقدية وتتحكم بأسعار الفائدة وتنظم عرض النقد لضمان الاستقرار المالي والنقدي مما يؤثر على حركة الأسواق المالية بشكل مباشر.
كيف تؤثر قرارات البنك المركزي على سوق الأسهم؟
عندما يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة تقل شهية المستثمرين للأسهم بسبب ارتفاع تكلفة الإقراض، أما عند خفضها فيزيد الإقبال على الأسهم نظراً لتحسن بيئة الاستثمار.
ما العلاقة بين البنك المركزي والتضخم؟
البنك المركزي يستخدم أدوات مثل أسعار الفائدة وعمليات السوق المفتوح للتحكم في معدلات التضخم حتى يتمكن من تحقيق توازن بين تحفيز النمو الاقتصادي وكبح التضخم المرتفع.