تبنت رؤية المملكة 2030 وجهة نظر خاصة حول التطوير الصناعي السعودي شمل ذلك توفير آليات الدعم المناسبة على المستوى الاقتصادي والفني بما يضمن تعزيز دور المملكة كقوة اقتصادية إقليمية قادرة على مجابهة التحديات الدولية وتوفير متطلبات الحياة الكريمة والرخاء، وتسعى إلى تنويع مواردها الاقتصادية مع الحفاظ وتطوير على مصادر الدخل الرئيسي الحالية عبر توفير البنية التحتية التي يمكن من خلالها إطلاق ثورة صناعية تغطي احتياجات السوق المحلية والاتجاه لتصدير الفائض.
يتضمن البرنامج تحقيق سلسلة من الأهداف المباشرة والغير مباشرة لخدمة الغرض الاستراتيجي المتمثل في تعزيز دور المملكة إقليميا ودوليا ويشرف على هذه الأهداف مجموعة من المنظمات والهيئات الحاكمة والتي تحدد بدورها مدى التطور والاستجابة في هذا الملف.
التطوير الصناعي السعودي
يمثل برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية الذي أطلقه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء في الثامن والعشرين من يناير عام 2019 حجر الزاوية في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 الطموحة.
هذا البرنامج الطموح يهدف بشكل أساسي إلى إعادة صياغة المشهد الاقتصادي للمملكة وتحويلها إلى قوة صناعية ولوجستية عالمية محورية تعمل كجسر استراتيجي يربط بين قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا، ويركز البرنامج بشكل مكثف على تطوير وتعزيز أربعة قطاعات اقتصادية حيوية ومترابطة وهي:
- القطاع الصناعي من خلال تبني أحدث التقنيات وتوطين الصناعات المتقدمة.
- كذلك قطاع التعدين عبر الاستغلال الأمثل للثروات المعدنية وتعظيم القيمة المضافة منها.
- قطاع الطاقة من خلال تعزيز تنافسية مصادر الطاقة التقليدية وتوسيع نطاق مصادر الطاقة المتجددة.
- بالإضافة إلى قطاع الخدمات اللوجستية عبر تطوير بنية تحتية متطورة وربط شبكات النقل والتجارة محليا وإقليميا ودوليا بكفاءة عالية.
يتم تفعيل استراتيجية التطوير الصناعي السعودي الشاملة من خلال حزمة متكاملة تضم ما يقارب 330 مبادرة نوعية ومستهدفة تهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف الرئيسية المباشرة وغير المباشرة.
الأهداف المباشرة للبرنامج
يهدف برنامج التطوير الصناعي السعودي إلى تنمية الصناعات المرتبطة بقطاعي النفط والغاز ليس فقط للحفاظ على مكانة المملكة الرائدة في هذا المجال بل كذلك لتطوير صناعات تحويلية ذات قيمة مضافة أعلى.
تأتي ثاني أهداف البرنامج في شكل تعزيز مساهمة مصادر الطاقة المتجددة وتحقيق التوازن في مصادر الطاقة والمساهمة في الاستدامة البيئية بما يحقق الاتساق المتطلبات الاقتصادية للمملكة والحاجه الدولية للنقط والمساهمة بفعالية في مكافحة الاحتباس الحراري.
رفع مستوى التنافسية في قطاع الطاقة من خلال جعل المملكة مركز جاذب للاستثمارات في مختلف مجالات الطاقة وتحقيق أقصى استفادة ممكنة من قطاع التعدين من خلال التنقيب المنظم وتطوير عمليات الاستخلاص والتصنيع وجذب الاستثمارات في هذا القطاع الواعد.
تظهر الأهداف الأخرى في عدة ملامح منها:
- بناء قاعدة صناعية متنوعة وقادرة على المنافسة عالميا في القطاعات المستقبلية.
- توطين الصناعات العسكرية وتعزيز الاكتفاء الذاتي في المجال الدفاعي.
- تحفيز الصناعات المحلية ودعم رواد الأعمال وتوفير فرص عمل جديدة.
- تطوير الموانئ والمطارات والمناطق اللوجستية لرفع مستوى الخدمات وتقليل التكاليف.
- تسهيل حركة البضائع والأفراد بكفاءة وفعالية.
يسعى برنامج التطوير الصناعي السعودي إلى تحقيق 26 هدف غير مباشر بالتكامل والشراكة مع البرامج الأخرى المشتقة من رؤية 2030 ما يعكس النظرة الشاملة والمتكاملة للتنمية المستدامة.
الاستراتيجية الوطنية للصناعة
تتبنى استراتيجية التطوير الصناعي السعودي زيادة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المناقصات الحكومية والعمل علـى تحسـين لوائـح طـرح المناقصات الحكومية بهدف تعزيز مشـاركة المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال تجزئة المناقصات بما يدعـم مشاركتها.
- تحفيز الصادرات لمجموعات السلع الصناعية المستهدفة ضمن الاستراتيجية الوطنيـة للصناعة مـن خلال حوافز تهدف لتمكين الصناعـات المستهدفة مـن الوصـول إلى الأسـواق العالميـة.
- توسيع الجهـود و زيـادة المنتجات والحلول المالية الميسرة من خلال دعم حكومي لتغطية تكلفـة الفوائـد أو جـزء منهـا لمتلقي قـروض البنـوك التجاريـة المحليـة مـن المستثمرين والمصنعين المحليين في السلع الصناعية المستهدفة.
- تحديـد فـرص تكامل سلاسل القيمـة الصناعيـة مـع الشركاء الإقليميين استنادا إلى التكامل والتعقيد الاقتصادي وإبرام اتفاقيات المنافع المتبادلة علـى مسـتوى الحكومات G2G والاتفاقيات التجارية بما يمكن المملكة أن تكون مركز إقليمي للتصنيع.
غرف الاستثمار والخدمات اللوجستية
يتبنى برنامج التطوير الصناعي السعودي آلية مبتكرة لتسريع وتيرة الاستثمار من خلال إنشاء 20 غرفة متخصصة تعمل كمنصات لعرض المشاريع الإستثمارية المتاحة ضمن نطاق البرنامج، ويهدف البرنامج من خلال هذه الآلية إلى استقطاب استثمارات ضخمة تقدر بنحو 1.6 تريليون ريال سعودي ما يعكس الثقة في جاذبية السوق السعودي والإمكانات الهائلة التي يوفرها البرنامج للمستثمرين.
يعطي البرنامج اهتمام خاص بتطوير قطاع الخدمات اللوجستية إدراكا لدوره الحيوي في تحقيق أهداف البرنامج ككل، وقد تم تخصيص استثمارات تقدر بنحو 35 مليار ريال سعودي لتنفيذ ما يقارب 60 مبادرة في هذا القطاع.
تتضمن الخطط الطموحة في هذا المجال إنشاء خمسة مطارات جديدة وتوسيع شبكة الخطوط الحديدية لتصل إلى 9200 كيلومتر بحلول عام 2030 ما سوف يساهم بشكل كبير في تعزيز البنية التحتية للنقل وربط مختلف مناطق المملكة بدول العالم بكفاءة عالية.
الشراكات الاستراتيجية وتمكين الصناعة
قامت الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية (“مدن”) في إطار دورها في ملف تطوير الصناعة السعودية بتوقيع أربع اتفاقيات تعاون استراتيجية بحضور صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، هذه الاتفاقيات تجسد التكامل بين مختلف الجهات لدعم وتطوير الصناعة الوطنية:
- الشركة السعودية للكهرباء و”مدن” يهدف إلى تعزيز وتوفير خدمات الكهرباء بكفاءة عالية في المدن الصناعية وتوطيد الشراكة القائمة بينهما لدعم النمو الصناعي.
- التعاون بين بنك التنمية الاجتماعية و”مدن” ويركز على تقديم البنك لخدمات مالية متنوعة تستهدف دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتعزيز التنمية الاقتصادية في المدن الصناعية.
- مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وصندوق التنمية الصناعية السعودية و”مدن” ويهدف إلى تسريع وتيرة التحول نحو الثورة الصناعية الرابعة من خلال تجهيز 100 مصنع وفق معايير محددة، وبدعم من الصندوق الصناعي.
- التعاون بين شركة إلكتريك و”مدن” يختص بإجراء دراسات ووضع خطط تفصيلية لتأهيل المصانع وتجهيزها للعمل بكفاءة
التوزيع الصناعي في المملكة العربية السعودية
تصنيع المنتجات الغذائية يستحوذ على أكبر قدر من العمالة “عام 2018” حيث بلغ عدد العاملين فيه 197,420 شخص ويضم كذلك أكبر عدد من المصانع بواقع 1,974 مصنع، ويليه:
- المشروبات ويعمل بها 15,976 شخص ويبلغ إجمالي التمويل فيه 60,735 مليون ريال ويضم 123 مصنع.
- المنسوجات ويوظف 43,923 عامل ويستثمر فيه 22,607 مليون ريال ويضم 208 مصانع.
- الملابس ويبلغ عدد العاملين فيه 17,009 أشخاص ويقدر إجمالي التمويل بـ 5,786 مليون ريال مع وجود 94 مصنع.
- المنتجات الجلديات والمنتجات ذات الصلة ويعمل به 12,971 شخص ويبلغ حجم التمويل 1,101 مليون ريال ويضم 187 مصنع.
- الورق ومنتجات الورق يوظف 9,161 عامل ويستثمر فيه 1,760 مليون ريال ويضم 175 مصنع.
- الطباعة واستنساخ وسائط الاعلام المسجلة ويعمل به 36,937 شخص ويبلغ التمويل 13,911 مليون ريال ويضم 846 مصنع.
تابع المزيد: سر بناء ثروة من الاستثمار العقاري بالإمارات
صندوق التنمية الصناعية السعودي (SIDF)
هو الجناح المالي للحكومة السعودية الذي تأسس عام 1974 وتم إنشاء الصندوق لتقديم قروض متوسطة وطويلة الأجل للقطاع الصناعي الخاص وفي عام 2018 بما يخدم أغراض التطوير الصناعي السعودي، وقد بلغت مخصصات الصندوق أكثر من 2.4 مليار دولار أمريكي ما أدى إلى إنشاء 108 مشروع صناعي.
كان صندوق التنمية الصناعية السعودي يمول في السابق شركات التصنيع المحلية فقط ولكن في عام 2019 بدأ صندوق التنمية الصناعية السعودي في تمويل مشاريع الطاقة والخدمات اللوجستية والتعدين في المملكة العربية السعودية .
صندوق التنمية الصناعية ورؤية 2030
يبذل صندوق التنمية الصناعية السعودي كل الجهود للحفاظ على دوره الرائد في التطوير الصناعي السعودي ومواكبة أحدث التطورات من خلال الدفع نحو التكامل مع الجهات الحكومية وتوسيع نطاق دعمه لتغطية عدد من القطاعات الواعدة في مجالات الصناعة والطاقة والتعدين والخدمات اللوجستية.
تسعى المملكة بخطوات جادة إلى صياغة مفاهيم جديدة في ملف التطوير الصناعي السعودي بما يضمن إطلاق القوة الكامنة من القدرات البشرية والموارد الطبيعية ويحافظ على ترتيب المملكة ضمن أكبر 20 اقتصاد عالميا.