الهدف من إبراز الفرق بين الأرباح النقدية والأسهم المجانية هو توضيح جاذبية الاستثمار بناء على درجة المخاطر ونوع العائد وتوازن المحفظة الاستثمارية وبالإضافة إلى درجة تأثير كلاهما على رأس مال الشركة وقدرتها على تغطية النفقات التشغيلية.
لا يتعلق إبراز الفارق كذلك بتحديد الأفضلية، وإنما بطرح تصور عام متكامل يمكن من خلاله بناء رؤى مستقبلية حول أفضل السبل التي تعزز من العائد على الاستثمار، وذلك بالتوازي مع بيانات السوق الدورية التي يحصل عليها المستثمرون لتحديد وجهات وآليات الاستثمار المستقبلية المناسبة.
الفرق بين الأرباح النقدية والأسهم المجانية
توزيع الأرباح هي العائد المادي الذي يحدده مجلس الإدارة ويحصل عليه المساهمين “أصحاب الأسهم المستثمرين”، وتأتي هذه الأرباح في شكل نقدي “أموال سائلة، شيكات بنكية، تحويلات إلكترونية”، أو في شكل أسهم.
يتم حساب توزيع الأرباح النقدية على أساس كل سهم، ويعني ذلك قيمة العائد التي يحصل عليها المستثمر نظير كل سهم يملكه في المؤسسة أو الشركة، وتوضح المعادلة التالية كيفية حسابها:
إجمالي مبلغ توزيع الأرباح = توزيعات نقدية لكل سهم × إجمالي عدد الأسهم المملوكة
الأسهم المجانية هي أسهم إضافية يتم إضافتها إلى محفظة المستثمر، ويتم حسابها في شكل نسبة، يحصل بموجبها المستثمر على عدد من الأسهم نظير إجمالي عدد الأسهم المملوكة، ويتم حسابها كالتالي:
إجمالي الأسهم المجانية = إجمالي الأسهم المملوكة / نسبة إصدار المكافأة
على سبيل المثال عند إعلان شركة عن إصدار مكافأة بقيمة سهم مجاني لكل أو مقابل 5 أسهم مملوكة، وكان في محفظة العميل 200 سهم، فإن عدد الأسهم المجانية التي يحصل عليها تساوى 40 سهم مجاني يتم إضافتهم للمحفظة.
اقرا المزيد: ما هي أسواق المال وتوجهات الاقتصاد الرقمي؟
تأثير الأرباح النقدية والأسهم المجانية على رأس المال
الأرباح النقدية تمثل عائد مادي للمستثمر، هذا العائد هو جزء من أرباح الشركة، يعني ذلك تراجع الشركة في قدرتها على تغطية تكاليف التشغيل والإنتاج “تراجع رأس المال”، وقد يظهر هذا التراجع بوضوح في حالة وجود موجات من التضخم وتراجع قيمة العملة وارتفاع تكلفة المواد الخام، وهو ما يعني إجمالا انخفاض سعر السهم وارتفاع درجة مخاطر الاستثمار في الشركة.
توزيع الأسهم المجانية يحافظ على قيمة رأس مال الشركة أو المؤسسة، حيث يتم إضافة حصص جديدة من الأسهم دون تغيير في قيمة رأس المال، وهو ما يعني خفض قيمة السهم نفسه، ويعد هذا التأثير أحد ملامح الفرق بين الأرباح النقدية والأسهم المجانية.
الاستحقاق الضريبي على الدخل
تمثل الأرباح النقدية دخل خاضع للضريبة، وغالبا ما يتم فرض ضريبة خاصة عليها أو تستقطع عند المصدر، وذلك وفق التشريعات الضريبية المحلية، حيث يختلف نظام المعاملة الضريبية من دولة إلى أخرى.
لا تخضع الأسهم المجانية للمطالبات الضريبية، حيث لا تعامل كدخل مباشر عند استلامها، لكن يتم فرض الضرائب أو الاستقطاع عند بيعها، وذلك ضمن أرباح رأس المال المحققة بحسب النظام الضريبي المعمول به في كل دولة.
تأثير الأرباح النقدية والأسهم المجانية على المحفظة الاستثمارية
المحفظة الاستثمارية هي مجموعة الأصول التي يملكها المستثمر، بما في ذلك السندات والأسهم والعملات الرقمية والنقد، و يؤثر الفرق بين الأرباح النقدية والأسهم المجانية على المحفظة الاستثمارية على النحو التالي:
- الأرباح النقدية تؤدي لانخفاض سعر السهم بعد التوزيع وانخفاض قيمة المحفظة “خاصة في حالة عدم الاستثمار”، بينما الأسهم المجانية: لا تخفض من قيمة المحفظة لكنها تخفض السعر السوقي للسهم “تظل القيمة الإجمالية للمحفظة كما هي”.
- تمنح الأرباح النقدية المستثمرين حرية اختيار استثمار العائد المادي أو النقدي في أصول أخرى وفق استراتيجيات الاستثمار الخاصة بهم وظروف السوق.
- توفر الأسهم المجانية حصص استثمارية إضافية في نفس الأصل بما يدعم خطط الاستثمار طويل الأجل أو خيارات المبادلة أو البيع لاحقا.
- يحافظ مبدأ إعادة الاستثمار الذي توفره الأرباح النقدية على خاصية تنوع الاستثمارات والأصول في المحفظة ما يضمن بشكل عام خلق محفظة متوازنة.
- قد يشكل زيادة عدد أسهم أحد الاستثمارات مقابل الأصول الأخرى خلل في توازن المحفظة وزيادة في درجة المخاطر.
شاهد أيضًا: تحليلات السوق العالمية | دليل شامل لتحديد الفرص وتطوير الاستراتيجيات
درجة المخاطر واستراتيجية الاستثمار
درجة المخاطر ترتبط بنوع الاستثمار والأصول التي يضخ المستثمر فيها أمواله أو استثماراته، وتحتل الأسهم درجة متوسطة على سلم هذه المخاطر، حيث تتوافر إمكانية الوصول إلى استثمارات أكثر أمانا مثل صناديق الاستثمار وصناديق الاستثمار المتداولة “حسب القطاع” والشهادات البنكية والسندات الحكومية.
الفرق بين الأرباح النقدية والأسهم المجانية من حيث درجة المخاطر يظهر كالتالي:
- الأرباح النقدية مخاطرها أقل نسبيا حيث أنها تعطي المستثمر سيولة يمكنه استخدامها بحرية في إعادة الاستثمار أو تنويع الأصول أو الاحتفاظ بالنقد.
- تتيح الأرباح النقدية مرونة في إدارة المخاطر من خلال إمكانية إعادة الاستثمار في أدوات مالية أكثر أمانا.
- الأسهم المجانية درجة مخاطرها أعلى نسبيا، حيث أنها تزيد عدد أسهم الشركة نفسها داخل المحفظة ما يعني زيادة تركيز الاستثمار في أصل واحد، ما قد يخل بتوازن المحفظة ويجعلها أكثر عرضة لتقلبات سعر سهم الشركة.
الأرباح النقدية والأسهم المجانية واستراتيجية الاستثمار
استراتيجية الاستثمار إطار من القواعد والضوابط العامة التي يحددها المستثمر للانتقال بين أهدافه الاستثمارية، ويشمل ذلك أوقات الدخول والخروج والبرامج و الخوارزميات المستخدمة ودرجة المخاطر التي يمكن تحملها، ويظهر تأثير الفرق بين الأرباح النقدية والأسهم المجانية على استراتيجية الاستثمار على النحو التالي:
- الأرباح النقدية مناسبة أكثر للمستثمر قصير الأجل حيث تعتبر مصدر دخل دوري، بينما الأسهم المجانية مناسبة أكثر للمستثمر طويل الأجل، حيث يتبني الأخير استراتيجية تعتمد على الزيادة الطبيعية في قيمة الأصول مع مرور الوقت.
- الأرباح النقدية ملائمة أكثر للمستثمر الباحث عن الدخل بينما الأسهم المجانية ملائمة ألأكثر للمستثمر الباحث عن النمو.
- تتيح الأرباح النقدية بناء استراتيجيات استثمار أكثر مرونة من خلال إعادة الاستثمار في الأصول التي تظهر بيانات واعدة في ظروف السوق المستقبلية، بينما تقصر الأسهم المجانية الاستثمار على أصل واحد فقط مع اختلاف الأطر الزمنية للتحكم وإدارة هذا الأصل.
الأرباح النقدية والأسهم المجانية أيهما أفضل
لا يمكن تناول الأفضلية بناء على النقاط السابقة فحسب، والتي شملت الضرائب ورأس المال والمخاطر وحتى استراتيجيات الاستثمار، لكن يقتضي تحدد الأفضلية التطرق إلى ظروف السوق و طبيعة القطاعات والخطة المستقبلية للشركة، ويمكن توضيح الفرق بين الأرباح النقدية والأسهم المجانية في هذه الحالة على النحو التالي:
- الأرباح النقدية خيار أفضل للمستثمر في أوقات التضخم وارتفاع أسعار الفائدة.
- الأسهم المجانية خيار أفضل في الأسواق التي تظهر أداء ثابت وبيانات مستقبلية واعدة.
- الأرباح النقدية شائعة في القطاعات ذات النمو البطيء، بينما تميل القطاعات ذات النمو السريع إلى توزيع أسهم مجانية.
- الأسهم المجانية تلائم الشركات التي تمتلك خطط مستقبلية توسعية طموحة، بينما تميل الشركات المستقرة ذات الأداء القوي إلى الأرباح النقدية لإرضاء وجذب المستثمرين.
يبرز الفرق بين الأرباح النقدية والأسهم المجانية تأثير كلاهما على رأس مال الشركة ودرجة المخاطر على المحفظة الاستثمارية واستراتيجيات الاستثمار، بما يتيح للمستثمر اختيار النموذج الأفضل للاستثمار، وذلك بناء على ضوء ما يتوافر من معلومات إضافية حول ظروف السوق وأداء القطاع.
