يعتبر تأثير تعويم العملة على الاقتصاد كبير وواضح، حيث أن التعويم من السياسات الاقتصادية الهامة للغاية والتي تؤثر بشكل مباشر وكبير على مختلف القطاعات الاقتصادية، سواء الإنتاجية أو التجارية أو المالية.
كما يظهر تأثير التعويم على الاقتصاد كواحد من المحاور الرئيسية التي تؤثر بشكل أساسي على أسعار الصرف وعلى القدرة الشرائية للمواطنين وعلى تكلفة الواردات والصادرات، وعلى ميزان المدفوعات أيضاً.
ولذلك ونظراً لخطورة التعويم كسياسة اقتصادية على كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية، نتناول في هذا المقال بعض المعلومات الخاصة بأسباب حدوث تعويم العملة والعوامل التي تؤثر عليها وكذلك نوضح مميزات وعيوب التعويم كأداة مزدوجة الأثر.
تأثير تعويم العملة على الاقتصاد
يمثل تعويم العملة عامل أساسي في التأثير على الاقتصاد في البلد بشكل رئيسي، ذلك أن التعويم هو نظام يقوم بتحديد سعر صرف العملة الوطنية مقابل باقي العملات الأجنبية وذلك بناءً على قوة العرض والطلب في السوق وبدون تدخل مباشر من الحكومة أو البنك المركزي لتثبيت السعر.
مما يعني أن التعويم يؤدي إلى تغير سعر العملة يتغير بشكل تلقائي حسب حركة الأسواق العالمية والمحلية، حيث أنه إذا زاد الطلب على العملة الأجنبية أدى ذلك إلى انخفاض قيمة العملة المحلية، وإذا زاد الطلب على العملة المحلية ارتفعت قيمتها.
حيث أن تعويم عملة دولة معينة يعني السماح لسعرها بالتغير بحرية مقابل أسعار العملات الأجنبية بالاعتماد على لقوى العرض والطلب على البضائع في الأسواق العالمية.
أنواع تعويم العملة
وينقسم تعويم العملة نوعين أساسيين على حسب مدى تدخل الدولة في تحديد سعر الصرف داخلها، ويمكن تحديد النوعين كما يلي:
النوع الأول وهو التعويم الحر وهو التقويم الذي لا تتدخل فيه الدولة متمثلة في الحكومة أو البنك المركزي إلا في حالات نادرة للغاية، وفي هذا النظام يتم ترك سعر صرف العملة لقوى العرض والطلب في السوق.
وهو ما يعكس السعر الحقيقي للعملة ويحفز كفاءة تخصيص الموارد، ولكنه قد يؤدي إلى تقلبات كبيرة في سعر الصرف، مما يؤثر على الأسعار المحلية والتجارة.
النوع الثاني وهو التعويم المرن وهو النوع الذي يتدخل فيه البنك المركزي بشكل كبير من أجل تجنب تقلبات السوق الحادة أو لضبط الاقتصاد ويكون هذا التدخل عبر بيع أو شراء العملات الأجنبية أو تعديل معدلات الفائدة، لذلك يقلل هذا النوع من المخاطر الناتجة عن تقلبات سعر الصرف الكبيرة ولكنه قد لا يعكس السعر السوقي الحقيقي للعرض والطلب بالكامل.
اقرأ المزيد: ما هو الفرق بين تعويم العملة الحر والمدار؟
أسباب حدوث تعويم العملة
من أجل معرفة وفهم تأثير تعويم العملة على الاقتصاد يجب في البداية إيضاح الأسباب والعوامل التي تتسبب بشكل أساسي في حدوث تعويم العملة في الدولة، وتتعدد تلك الأسباب وتختلف فيما بين دولية ومحلية إلا أنها تشترك جميعها في حدوث تغيير في السياسية الاقتصادية داخل الدولة وزيادة فرص التعويم فيها، ويمكن تحديد بعض تلك الأسباب فيما يلي:
- العجز ميزان المدفوعات والذي يتمثل في الفرق بين قيمة الواردات والصادرات، حيث حينما تكون قيمة الواردات أكبر من الصادرات ينخفض بذلك الطلب على العملة المحلية.
- التحكم في التضخم الذي تسعى أغلب الدول في تحقيقه من خلال تعويم العملة للمساعدة في ضبط التضخم، خاصة إذا كان التضخم مرتبط بأسعار الصرف.
- تشجيع الاستثمار الأجنبي والذي يجعل التعويم يعطي المستثمرين صورة أكثر واقعية عن قيمة العملة، ما يزيد الشفافية ويشجع على التدفقات الاستثمارية.
- تحرير الاقتصاد والانفتاح على الأسواق العالمية والذي يساعد على جعل التعويم خطوة أساسية للانفتاح على الاقتصاد العالمي من خلال انتقال الدولة من نظام صيانة سعر الصرف الثابت إلى نظام السوق الحر.
- تجنب الاحتياطيات الضخمة من النقد الأجنبي، حيث أن تثبيت سعر الصرف يحتاج إلى تدخل مستمر من البنك المركزي ودعم العملة باحتياطيات النقد الأجنبي.
- تقلبات السوق العالمية مثل ارتفاع أسعار النفط أو تغيرات أسعار السلع الأساسية والتي تؤثر على سعر الصرف وبالتالي تتسبب في حدوث التعويم.
اقرأ المزيد: ما هو الفرق بين تعويم العملة الحر والمدار؟
تأثير التعويم على الاقتصاد
حيث أنه وبعد معرفة معنى التعويم وأسباب حدوثه، يلزم معرفة تأثير تعويم العملة على الاقتصاد، حيث يؤثر التعويم على الاقتصاد تأثير مباشر وغير مباشر، ذلك أن أثره يمتد إلى التجارة الخارجية والاستثمار والتضخم والقدرة الشرائية للأفراد، كما أن تعويم العملة لا يؤثر بالسلب فقط على الاقتصاد وإنما قد يعتبر وسيلة فعالة للغاية في تحفيز وتعزيز النمو الاقتصادي في الدولة ولكن إذا تم إدارته بشكل أكثر حكمة وحذر، ويمكن تحديد بعض العناصر الاقتصادية التي تتأثر بشكل كبير من تعويم العملة.
التأثير على الصادرات والواردات
تأثير تعويم العملة على الصادرات والواردات يظهر بشكل واضح من خلال تغيير أسعار الصرف، حيث أنه حينما تنخفض قيمة العملة المحلية نتيجة التعويم تصبح الصادرات أرخص بالنسبة للمشترين الأجانب، مما يزيد من الطلب عليها.
وفي المقابل تصبح الواردات أكثر تكلفة، مما قد يقلل الاعتماد على السلع الأجنبية ويحفز الإنتاج المحلي لتلبية الاحتياجات الداخلية، وبالتالي يساهم التعويم في تحسين ميزان المدفوعات، لكنه قد يؤدي إلى زيادة أسعار السلع المستوردة وارتفاع تكلفة المعيشة.
التأثير على التضخم
ويظهر تأثير تعويم العملة على التضخم من خلال تغير أسعار الصرف، حيث أنه حينما تنخفض قيمة العملة المحلية ترتفع معها تكلفة السلع والخدمات المستوردة، مما يؤدي إلى زيادة الأسعار داخل البلاد وهو ما يرفع من معدل التضخم.
كما أن ارتفاع أسعار الواردات قد ينعكس على أسعار السلع المحلية التي تعتمد على مواد خام مستوردة. لذلك، يمكن أن يؤدي التعويم إلى حدوث ضغط كبير في التضخم وخاصةً في الدول التي تعتمد بشكل كبير على الواردات.
التأثير على القدرة الشرائية للمواطنين
يظهر تأثير تعويم العملة على القدرة الشرائية من خلال تغيير قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، ذلك أنه حينما تنخفض قيمة العملة المحلية ترتفع معها أسعار السلع المستوردة مما يقلل من القوة الشرائية للمواطنين.
وخاصةً إذا اعتمد المواطنين على المنتجات الأجنبية المستوردة، ولكن ومع ذلك قد يحفز التعويم الإنتاج المحلي على المدى الطويل مما يترتب عليه توفير المزيد من السلع والخدمات داخل البلد واستقرار الأسعار بشكل نسبي.
التأثير على كفاءة تخصيص الموارد
ويتجلى تأثير تعويم العملة على كفاءة تخصيص الموارد من خلال السماح للسوق بتحديد القيمة الحقيقية للعملة وفقاً للعرض والطلب، حيث أنه عندما يعكس سعر الصرف الأسعار الواقعية يتم توجيه الموارد الاقتصادية نحو القطاعات الأكثر إنتاجية وربحية سواء في الصناعة أو التجارة أو الخدمات مما يؤدي بلا شك إلى استخدام أفضل للموارد المتاحة وتحفيز الاستثمار في القطاعات التي تمتلك ميزة تنافسية وتعزيز النمو الاقتصادي.
وفي الختام نجد أن تأثير تعويم العملة على الاقتصاد هو سلاح ذو حدين، حيث قد يقدم استفادة قصوى للاقتصاد ويساعده على التعزيز من نموه وذلك إذا تم تداركه وإدارته بشكل محترف.
في حين قد يمثل خطورة على الاقتصاد بسبب تغير أسعار الصرف بشكل مفاجئ والذي قد يتسبب في تدهور بعض العناصر الاقتصادية في الدولة و تقليص الإنتاج في الدولة بسبب ارتفاع التكاليف.
