عملت مصر على مدار الأربعة عقود الماضية على هيكلة تسهيلات الاستثمار الأجنبي بوضع مجموعة من الأطر القانونية لتنظيم بيئة الاستثمار وتحسين فعاليتها كأداة منتجة في الاقتصاد القومي، على الرغم من تناقض الآراء حول مدى مساهمة هذه التسهيلات في تحقيق أداء فعال تنعكس آثاره على أرض الواقع إلا أن الحكومة المصرية أعدت حزمة من الحوافز الاقتصادية لتفعيل بيئة اقتصادية جاذبة على مستوى الاستثمار المباشر.
تخطط الدولة المصرية إلى رؤية متكاملة لخدمة أهدافها الرامية إلى تعزيز مكانتها كقوة إقليمية وتحسين ترتيبها في الاقتصاد العالمي لتكون من أكبر 20 اقتصاد على مستوى العالم.
تسهيلات الاستثمار الأجنبي
إن تسهيلات الاستثمار الأجنبي هي مجموعة من السياسات والإجراءات التي تتخذها الحكومات بهدف جذب رؤوس الأموال الأجنبية إلى بلدانها بهدف تحقيق التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل ونقل التكنولوجيا وزيادة القدرة التنافسية.
يمكن تصنيف هذه التسهيلات إلى عدة أشكال رئيسية:
- الحوافز الضريبية.
- التسهيلات الإدارية والتنظيمية.
- الحوافز المالية.
اجتذب الاستثمار الأجنبي المباشر اهتمام خاص في البلدان ذات الأسواق الناشئة نظرا لانخفاض معدلات الادخار المحلية فيها و/أو عدم كفاءة الوسطاء الماليين ما يعيق استراتيجيات تمويل النمو وبالتالي يخلق حاجة إلى التمويل الخارجي، حيث تواجه هذه الدول نضوب أشكال التمويل الخارجي الأخرى مثل القروض المصرفية والمنح الرسمية والمخاوف المرتبطة بالاستثمارات عالية المخاطر في المحافظ المالية.
الحوافز الاستثمارية وآراء الاقتصاديين
كان تقديم تسهيلات الاستثمار الأجنبي بشكل عام والحوافز الضريبية بشكل خاص لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر قضية قابلة للنقاش، فمن ناحية تزيد الحوافز من التدفق الكلي للاستثمار الجديد كما يمكن أن تؤثر على التوزيع المكاني للاستثمار.
يرى فريق آخر من الاقتصاديين أن الحوافز لها تأثير ضئيل على إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يتم على مستوى العالم حيث تخلق الحوافز تحويل صافي للموارد، هذا يعني أن الأموال التي كان من الممكن أن تذهب إلى دافعي الضرائب (أو المستهلكين في حالة الإعانات غير المباشرة مثل الحماية من الواردات) تحوّل إلى المستثمرين، غالبًا ما يترجم هذا التحويل إلى انتقال للموارد من بلد فقير إلى بلد أغنى وهو ما يثير تساؤلات حول العدالة والكفاءة، كما أن التكلفة على الجمهور للحوافز تتجاوز الفوائد الإضافية التي تخلقها الاستثمارات التي ما كانت لتحدث لولاها.
مصر والحوافز الاستثمارية
نظام الاستثمار الأجنبي المباشر يقصد به السياق القانوني أو الإطار الذي يتم بموجبه قبول الاستثمار الأجنبي المباشر وتنظيمه في بلد ما، ويشمل هذا النظام قائمة من الأحكام الدستورية والقوانين واللوائح والسياسات والممارسات التي تحدد وتعرف حقوق والتزامات المستثمرين الأجانب وكذلك البلد المضيف المتلقي، وبشكل عام تعالج أنظمة الاستثمار الأجنبي المباشر أربع قضايا:
- القبول.
- المعاملة.
- المصادرة.
- تسوية المنازعات.
هناك نوعان من أنظمة تسهيلات الاستثمار الأجنبي المباشر، الأنظمة المفتوحة التي لا تفرض أي قيود خاصة على دخول الأجانب أو أي قيود أخرى على الملكية والعمليات الأجنبية تتجاوز اعتبارات النظام العام المعترف بها دوليًا مثل الصحة العامة والبيئة والأخلاق.
النوع الآخر من أنظمة الاستثمار الأجنبي المباشر هو نظام الترخيص حيث يتم فحص جميع أو بعض المستثمرين الأجانب وفق معايير خاصة قبل السماح/رفض دخولهم، ويمكن تصنيف نظام الاستثمار الأجنبي المباشر المصري ضمن أنظمة الترخيص حيث يوجد عشرون قانون مختلف يحكم عمليات الاستثمار الخاص في مصر، تسعة منها تؤثر بشكل مباشر على الاستثمار الأجنبي المباشر.
أهم القوانين هي قانون الشركات رقم 159 لسنة 1981 وقانون الاستثمار رقم 8 لسنة 1997، وقانون الشركات هو قانون تشكيل/تأسيس/تسجيل وتنظيم الشركات في مصر مع عدد قليل من حوافز الاستثمار، بينما ينص قانون الاستثمار على حوافز الاستثمار للشركات سواء كانت محلية أو أجنبية.
حوافز الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر
تسهيلات الاستثمار الأجنبي هي تدابير مصممة للتأثير على حجم أو موقع أو صناعة مشروع استثمار أجنبي مباشر من خلال التأثير على تكلفته النسبية أو عن طريق تغيير المخاطر المرتبطة به من خلال حوافز غير متاحة للمستثمرين المحليين المماثلين.
تنقسم هذه الحوافز إلى:
- محفزات مالية (ضريبية).
- إعانات مالية (دعم).
- إعفاءات تنظيمية.
تشمل المحفزات المالية (الضريبية) الإعفاءات الضريبية (Tax holidays) والإعفاءات أو الاستردادات الجمركية/التعريفية (Customs/tariffs exemptions or drawback) والعمل في المناطق الحرة (Operation in free zones).
يمكن أن تتخذ الإعانات المالية شكل قروض حكومية مباشرة أو ضمانات قروض للمستثمرين الأجانب وتمويل الصادرات (Export financing) وإمكانيات تحويل الديون/رأس المال (Debt/equity conversion possibilities) بينما تعني الإعفاءات التنظيمية التجاوزات عن اللوائح المقدمة للمؤسسات المملوكة لأجانب بهدف جعلهم راغبين في الاستثمار.
وحدة الحوافز الخاصة
وفق لقانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 في مصر، تُمنح المشروعات الاستثمارية الجديدة حوافز استثمارية خاصة تُخصم من صافي الأرباح الخاضعة للضريبة. تنقسم هذه الحوافز إلى فئتين رئيسيتين وهما القطاع”أ” والقطاع “ب”.
القطاع “أ” | القطاع”ب” |
|
|
يجب ألا يتجاوز الحافز الاستثماري 80% من رأس المال المدفوع حتى تاريخ بدء مزاولة النشاط، كما يجب ألا تزيد مدة الخصم على سبع سنوات من تاريخ بدء مزاولة النشاط، ويتم منح المشروعات الاستثمارية التي تزاول أحد الأنشطة الصناعية المحددة وفق القانون حافز استثماري نقدي يتراوح بين 35% و 55% من قيمة الضريبة المسددة مع الإقرار الضريبي على الدخل المتحقق من النشاط أو توسعاته.
شاهد أيضًا: أي القطاعات تحقق أرباحا في الركود؟
شروط التمتع بالحوافز الخاصة
للاستفادة من تسهيلات الاستثمار الأجنبي في مصر يجب توافر الشروط التالية:
- يجب أن يكون المشروع عبارة عن شركة أو منشأة تم تأسيسها حديثًا، وليس توسعا لكيان قائم.
- كما يجب تأسيس الشركة أو المنشأة خلال فترة أقصاها ثلاث سنوات من تاريخ العمل باللائحة التنفيذية للقانون يمكن تمديد هذه المدة لمرة واحدة فقط بقرار من مجلس الوزراء بناء على توصية من الوزير المختص.
- يجب على الشركة أو المنشأة الاحتفاظ بحسابات منتظمة وإذا كان المشروع يعمل في مناطق متعددة يمكنه الاستفادة من الحوافز المخصصة لكل منطقة بشرط أن تكون لكل منطقة حسابات مستقلة خاصة بها.
- يحظر على أي من المساهمين أو الشركاء أو أصحاب المنشآت استخدام أصول مادية من شركة أو منشأة قائمة بالفعل وقت سريان القانون في إنشاء المشروع الجديد الذي يطمح للحصول على الحوافز، كما يمنع تصفية كيان قائم خلال الفترة المحددة بهدف إنشاء مشروع جديد يستفيد من هذه الحوافز، في حال مخالفة هذا الشرط، ستفقد الشركة حقها في الحافز وتلزم بسداد جميع المستحقات الضريبية.
مهام وحدة الحوافز الخاصة
تستقبل الوحدة طلبات الاستفادة من الحوافز الخاصة (وفق المادتين 11 من قانون الاستثمار و10 من لائحته التنفيذية)، وتفحصها بدقة للتحقق من جديتها واستيفاء المستندات والشروط المطلوبة، وتقوم الوحدة بمراجعة وضع الشركات والمنشآت التي سبق تحديد تاريخ بدء نشاطها للتأكد من استمرار استيفائها لشروط التمتع بالحوافز، تتولى اتخاذ الإجراءات اللازمة لإصدار شهادات التمتع بالحوافز الخاصة بالإضافة إلى متابعة سير عمل المنظومة بشكل عام.
تحتفظ الوحدة بحقها في اقتراح القواعد والإجراءات اللازمة لتنفيذ منظومة الحوافز بفعالية وسرعة بما يضمن خدمة الاستراتيجيات العامة للدولة والحفاظ على مقدراتها الاقتصادية.
اقرأ المزيد: السوق السعودي للاستثمار .. بيئة جاذبة ومحفزات استراتيجية
تهدف مصر من حزم تسهيلات الاستثمار الأجنبي إلى توفير بيئة جاذبة اقتصادية جاذبة تجمع بين مفاهيم البنية التحتية المتطورة وعوامل تحقيق الربح الاضافية بما يمكن رأس المال الجديد من ضخ أصوله النقدية في مصر دون سواها من الدول.