سياسة تعويم العملة وفقا لزمن الأزمة تعتبر من الأدوات الاقتصادية الضرورية التي تلجأ لها الدول خلال أوقات الأزمات المالية والنقدية، حيث أنها تعكس قدرة الحكومة على ضبط قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية بما يناسب العرض والطلب بالسوق.
خلال أوقات الأزمات يمكن أن يساهم التعويم في التخفيف من الضغط على الاحتياطيات الأجنبية ودعم الصادرات، إضافة إلى تحفيز الاقتصاد عن طريق تعديل سعر الصرف بما يعكس الواقع الاقتصادي الحقيقي، وبالرغم من هذا يحتاج التعويم إدارة حذرة لتفادي التضخم بشكل مفرط وتقلبات الأسعار، وذلك مع سياسات موازية لضمان استقرار السوق وحماية القدرة الشرائية للمواطنين.
تعويم العملة وفقا لزمن الأزمة

تعويم العملة هو عبارة عن أداة اقتصادية تستخدمها الدول لكي تتمكن من التعامل مع الضغوط المالية والنقدية خلال أوقات الأزمات، حيث يتم السماح للسوق بتحديد سعر الصرف بناءاً على قوى العرض والطلب بدون تدخل مباشر من الحكومة، وخلال الأزمات الاقتصادية يمكن أن تواجه الدولة نقص في الاحتياطيات الأجنبية، أو زيادة في العجز التجاري أو ضغوط على ميزان المدفوعات، وهنا يأتي دور التعويم باعتباره طريقة تساهم في تخفيف هذه الضغوط من خلال تعديل قيمة العملة بطريقة تناسب الواقع الاقتصادي.
كما أن التعويم يكون سبب في تحفيز الصادرات وجذب الاستثمارات الأجنبية، ولكنه يمكن أن يكون سبب في ارتفاع أسعار الواردات وزيادة معدلات التضخم في حالة أن لم يرافقه سياسات نقدية ومالية مضبوطة، فلذلك يجب تنفيذه ضمن خطة شاملة تشتمل على دعم الاحتياطيات وضبط السيولة وحماية القدرة الشرائية للمواطنين، وذلك مع مراقبة مستمرة لتغيرات السوق.
كيف يعمل تعويم العملة؟
تعويم العملة يعمل ضمن سوق مفتوح، حيث أن المضاربات إلى جانب قوى العرض والطلب تساعد على تحديد قيمته، وفي نظام التعويم التقلبات ذات الأجل الطويل تساهم في عكس التغيرات التي تحدث في أسعار العملات القوى الاقتصادية النسبية، إضافة إلى الاختلاف الذي يحدث في أسعار الفائدة بين البلاد.
أما بالنسبة إلى التقلبات ذات الأجل القصير في سعر الصرف العائم، فإنها في الغالب تحدث بسبب المضاربات أو الظروف الاقتصادية أو التغيرات التي تحدث بشكل يومي في الطلب والعرض على العملة.
اقرأ المزيد: تعويم العملة في السعودية
ما هي أسباب تعويم العملة؟
بشكل بسيط تعويم العملة هو ترك سعر صرف العملة المحلية يتحرك بكل حرية على حسب قوى الطلب والعرض بالسوق، وذلك بدل من أن يعمل البنك المركزي على تثبيته عند مستوى محدد، حيث أنه في الغالب ذلك القرار لا يتم اتخاذه إلا في حالة أن الدولة تكون مضطرة إلى مواجهة عقبات أو أزمات أو لكي يتم تحقيق أهداف اقتصادية معينة، وتتمثل أهم أسباب التعويم في ما يلي:
علاج العجز في ميزان المدفوعات
العجز في ميزان المدفوعات يعتبر من أهم الأسباب التي تجعل الدول تقوم بتعويم عملتها، حيث أنه عندما تتخطى قيمة الواردات قيمة الصادرات، سوف تتعرض الدولة لضغوط على احتياطياتها الأجنبية، وذلك ما يصعب عليها تمويل الواردات وتسديد الالتزامات الخارجية.
كما أنه من خلال التعويم سوف تقل قيمتها بشكل نسبي أمام العملات الأجنبية، وذلك ما يجعل الصادرات أرخص وأكثر جاذبية بالأسواق العالمية، كما أن الواردات تكون أغلى في السعر، وذلك ما يقلل الطلب عليها.
جذب الاستثمارات الأجنبية
يساعد التعويم على خلق بيئة استثمارية حقيقية وواقعية، حيث يتم عكس سعر الصرف الحقيقي لقيمة العملة بدون دعم حكومي مصطنع، وذلك الوضوح يكون سبب في جذب المستثمرين الأجانب الباحثين عن استقرار بالسوق وثقة في النظام المالي، حيث أنه عندما تكون العملة مقومة بناءاً على قيمتها الحقيقية، سوف يسهل على المستثمرين تقييم المخاطر والعوائد المحتملة لمشروعاتهم بالدولة.
إضافة إلى انخفاض قيمة العملة بعد التعويم يجعل تكاليف الاستثمار والإنتاج أقل بالعملة المحلية، وذلك ما يزيد من جاذبية الدولة باعتباره موقع استثماري واعد، خصوصاً بقطاعات منها الصناعة والخدمات والسياحة.
الحد من السوق السوداء للعملة
من أبرز الأهداف وراء التعويم هو القضاء على السوق الموازية أو السوق السوداء لتداول العملات، حيث عند وجود سعر رسمي ثابت للعملة وسعر آخر أعلى بالسوق الغير رسمية، فسوف يلجأ الأفراد والتجار للمضاربة وتحقيق أرباح غير مشروعة.
أما في حالة التعويم، فسوف يتوحد سعر الصرف بالسوق ليعكس قيمته الحقيقية، وذلك ما يقلل فرص المضاربة ويعيد الثقة للنظام المصرفي الرسمي، ومن خلال هذا يتم توجيه التعاملات المالية إلى القنوات القانونية والبنوك المعتمدة، وذلك ما يساهم في استقرار السوق وتقوية الرقابة النقدية والمالية بالدولة.
تعزيز تنافسية المنتجات المحلية

التعويم يساهم في زيادة القدرة التنافسية للمنتجات المحلية بالأسواق العالمية، حيث أنه مع انخفاض قيمة العملة الوطنية، سوف تكون الصادرات أرخص بالنسبة للمستوردين الأجانب، وذلك ما يكون سبب في زيادة الطلب عليها، وفي نفس الوقت تزيد أسعار السلع المستوردة بالدولة، وذلك ما يجعل المستهلكين يعتمد على البدائل المحلية.
ذلك التحول الإيجابي يساهم في تحفيز الإنتاج الوطني ويشجع الشركات المحلية على التوسع وزيادة جودة منتجاتها، كما يساعد على خلق فرص عمل جديدة وتحقيق نمو اقتصادي أكثر استدامة، خصوصاً بالقطاعات الصناعية والزراعية التي تستفيد من زيادة الصادرات.
تخفيف الضغط على الاحتياطي النقدي
في الغالب تعاني الدول التي تحافظ على سعر صرف ثابت من استنزاف احتياطياتها النقدية بمحاولة للدفاع عن قيمة عملتها، حيث أنه مع استمرار الضغوط الاقتصادية، ذلك النهج يكون غير قابل للاستمرار، فلذلك التعويم يعتبر طريقة فعالة تساهم في تخفيف الضغط على الاحتياطي النقدي، حيث أن الحكومة لا تكون مضطرة للتدخل الدائم بالسوق لتثبيت السعر، بدل من هذا يحدد العرض والطلب القيمة الفعلية للعملة، وذلك ما يسمح للدولة بالحفاظ على احتياطياتها لاستخدامها بتمويل الواردات الأساسية أو دعم القطاعات الإنتاجية عند الحاجة.
التكيف مع الصدمات الاقتصادية
يعتبر التعويم طريقة مهمة تجعل الاقتصاد يتمكن من التكيف مع الأزمات والصدمات الخارجية، منها تقلبات أسعار النفط أو الأزمات المالية العالمية، حيث أنه عند تتغير الظروف الاقتصادية الدولية، فإن سعر الصرف المرن يساعد الدولة على امتصاص تلك الصدمات بشكل طبيعي عن طريق تعديل قيمة العملة بشكل تلقائي.
مزايا تعويم العملة
تعويم العملية يتمتع بالعديد من المزايا الرائعة التي يتمثل أهمها في ما يلي:

- إمكانية تحرير الموارد والمرونة الاقتصادية.
- تساهم في استقرار ميزان المدفوعات.
- إضافة إلى التخفيف من الضغط الذي يحدث على احتياطيات العملة.
- يساهم في حماية ضد التضخم المستورد.
تعويم العملة يعتبر خطوة اقتصادية مهمة الهدف منها هو تحقيق التوازن في الاقتصاد الوطني من خلال ضبط سعر الصرف وفق العرض والطلب، وبالرغم من ما يرافقه من تحديات كارتفاع الأسعار، إلا أنه يساعد على تعزيز التنافسية وجذب الاستثمارات وتقوية ميزان المدفوعات، وذلك ما يدعم استقرار الاقتصاد على المدى البعيد.
الأسئلة الشائعة
ما المقصود بتعويم العملة؟
تعويم العملة هو ترك تحديد سعر صرف العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية لقوى العرض والطلب بالسوق بدون تدخل مباشر من البنك المركزي في تحديد السعر.
ما الفرق بين التعويم الكامل والتعويم الموجَّه؟
التعويم الكامل يعني ترك السعر يتغير بحرية تامة وفق السوق، ولكن التعويم الموجّه يسمح للبنك المركزي بالتدخل عند الضرورة للحد من التقلبات الحادة بسعر الصرف.




