دراسة مخاطر الأصول الرقمية من شأنها تحديد الاستراتيجيات الأمثل للإستثمار بما يضمن الحفاظ على قيمة الأصول من الضياع أو تراجع قيمتها، وتتعدد المخاطر وتتخذ صيغ وأشكال مختلفة تحدد معها الأسلوب المناسب للوقاية والحماية ويأتي هذا التنوع نتيجة طبيعة الاتصال بالإنترنت وما يرتبط به من احتياطات ومتطلبات لازمة التطبيق وبين الطبيعة البشرية واختلاف استجابتها السيكولوجية.
الاتجاه الدولي الشعبي والتجاري العام هو تشجيع الاستثمار في الأصول الرقمية لما يتمتع به من لا مركزية وغياب ظواهر الاقتصاد المركزي الطبيعي فيه لكن لا يشمل هذا الاتجاه معظم الحكومات خاصة في الدول النامية التي ترى وجوب خضوعه لرقابة مركزية صارمة تحدد اتجاهاته وأولوياته.
التداول ومخاطر الأصول الرقمية
لا يوجد تداول أو استثمار خالي من المخاطر حيث تأتي العوائد المتوقعة الأكبر مصحوبة بخطر خسارة أكبر، محاولة فهم مخاطر الاستثمار بشكل أفضل تزيد القدرة على تقليل آثار الخسارة المحتملة بشكل فعال، وتعد المخاطر الشائعة المرتبطة بالأصول الرقمية هي:
- غياب الخضوع أو الإشراف.
- الحماية الغير متسقة.
- الأصول المختلطة للعملاء.
- خطر المشاريع الجديدة.
- هجمات التصيد الاحتيالي.
- فقدان أو سرقة المفاتيح الخاصة.
- مخاطر السيولة.
- مخاطر الطرف المقابل.
منصات تداول السوق النقدي خارج البورصة OTC حيث يتم شراء أو بيع الأصول الرقمية مقابل الدولار لا تخضع لإشراف جهات تنظيمية مثل البورصات أو البنوك أو الوسطاء الآخرين وبالتالي فإن أموال أو أصول العملاء تظل غير مضمونة بحماية قانونية فعالة تضمن تحقيق الحماية وقضاء متطلبات الامتثال.
الحماية غير الكاملة للعملاء
تفتقر بعض منصات العملات الافتراضية إلى ضمانات نظام حاسمة وحماية للعملاء مثل الحماية من الاختراقات أو فصل أصول العملاء، وبدون ضمانات كافية يتعرض العملاء إلى فقد بعض أو كل أصولهم الرقمية، وتعتبر منصات التداول خارج البورصة جهات حافظة للأصول، فعند التداول يتم الاحتفاظ بالأموال وتسجيلها بواسطة المنصة على نظامها المركزي وليس على سلسلة “البلوك تشين”، نتيجة لذلك قد يتم خلط أصول عملاء بأصول عملاء آخرين أو قد تستخدمها المنصة لأغراض تشغيلية، ففي حال تعرضت المنصة للاختراق أو أفلست أو اختفت فقد لا يتمكن المتداول من استعادة أمواله.
لضمان الاحتفاظ بالحماية التي يفرضها القانون يجب التداول أو استخدام المنتجات المالية الخاصة بالمنصات والكيانات التجارية المسجلة فقط في الولاية القضائية التابع لها، حيث تخضع هذه الهيئات لإشراف متتابع من عدد من الجهات الرقابية التي تضمن تطبيق سياسات رادعة للحفاظ على أصول العملاء المختلفة.
مخاطر الأمن السيبراني
إن مخاطر التهديد السيبراني هي أحد مخاطر الأصول الرقمية وتشمل الحماية منها بشكل أساسي الوقاية من ثلاث مجموعات:
- سرقة البيانات “الأسماء وعناوين البريد الإلكتروني والبريد العادي وتفاصيل البنوك ومعلومات الأعمال السرية”
- عمليات التخريب وتعطيل الأجهزة والخدمات والمؤسسات.
- الحرب السيبرانية وهي عبارة عن جماعات مدعومة من الدول تهدد عمدا عدد من الدول المنافسة لزعزعة بنيتها التحتية.
تراقب جدران الحماية تدفق البيانات بين الإنترنت وشبكة حاسوب خاصة وتتحكم فيه وفيها يمكن وضع قواعد تحدد المسموح له بالمرور عبر الجدار، وتعد طريقة فعالة لمنع الوصول من مصادر مجهولة أو غير مصرح بها.
قد تكون فعالية جدران الحماية محدودة في منع بعض أنواع الهجمات إذ يمكن للمهاجمين ببساطة اختراق المنافذ المفتوحة التي يجب أن تكون مفتوحة لتمكين الشبكة من العمل.
المخاطر السيبرانية والأصول الرقمية
في البيئة الرقمية يعد الاختراق أحد مخاطر الأصول الرقمية حيث يسعى المتسللون للوصول إلى أكبر قدر من المال بأقل قدر من المقاومة، يشمل ذلك محاولة الوصول إلى المحافظ الساخنة أو المحافظ الباردة المحافظ الساخنة هي محافظة افتراضية متصلة بالإنترنت يتم فيها حفظ الأصول الرقمية المختلفة يشمل ذلك عملات الكريبتو أو رموز NFT وهي عرضة للهجوم السيبراني بشكل متكرر نتيجة طبيعة الاتصال والاستخدام، بينما المحافظ الباردة هي محافظ غير متصلة بالإنترنت.
هجمات التصيد الاحتيالي
التصيد الاحتيالي هو أحد مخاطر الأصول الرقمية وهو نوع من الهجمات الإلكترونية التي تستخدم رسائل البريد الإلكتروني أو الرسائل النصية أو المكالمات الهاتفية أو مواقع الويب الاحتيالية لخداع الأشخاص لمشاركة بيانات حساسة أو تنزيل البرامج الضارة أو تعريض أنفسهم للجرائم الإلكترونية.
تعتمد الهجمات على الأخطاء البشرية والقصص الزائفة وأساليب الضغط للتلاعب بالضحايا ودفعهم إلى إلحاق الضرر بأنفسهم أو بمؤسساتهم دون قصد، حيث ينتحل المخترق شخصية شخص موثوق به لدى الضحية كزميل أو مدير أو شخصية نافذة أو ممثل علامة تجارية معروفة، ويرسل المخترق رسالة يطلب فيها من الضحية دفع فاتورة أو فتح مرفق أو النقر على رابط أو القيام بأي إجراء آخر.
المفاتيح الخاصة والتوقيع الرقمي
المفتاح الخاص هو رمز أبجدي رقمي تولده محفظة العملات المشفرة ويُستخدم لتفويض المعاملات وإثبات ملكية الأصول، ويعد المفتاح الخاص جزء أساسي في تداول الكريبتو ويساعد في حماية المستخدمين من الهاكرز والوصول غير المصرح به إلى أموالهم.
يتم إنشاء المفتاح العام من المفتاح الخاص عبر خوارزمية تشفير والعكس مستحيل، ثم تستخدم خوارزمية مماثلة لإنشاء عنوان استقبال من المفتاح العام، فقدان أو سرقة المفاتيح الخاصة هو مخاطر الأصول الرقمية وحدوثه يعني عدم التمكن من الوصول إلى الأصول، لذلك يجب الانتباه والحذر وعدم إعطاء عنوان المفتاح الخاص أو عبارة الاسترداد لأي شخص.
مخاطر سوق عملات الكريبتو
العملات المشفرة والرموز غير القابلة للاستبدال “NFT” تمثل فئة استثمارية جديدة تحمل معها ميزات وفرص فريدة ولكنها تأتي مصحوبة بتحديات ومخاطر مختلفة مقارنة بأشكال الاستثمار التقليدية مثل الأسهم والسندات والعقارات ومنها غياب السجلات التاريخية حيث يعتمد المستثمرون على البيانات التاريخية لتحليل الاتجاهات وتقييم المخاطر واتخاذ قرارات مستنيرة وهو ما لا يتوافر في الأصول الرقمية المشفرة.
تقنية البلوك تشين والتقنيات الأخرى التي تدعم الأصول الرقمية لا تزال في مراحل تطورها ما يعني احتمالية ظهور تقنيات جديدة أو حدوث تغييرات جذرية في التقنيات الحالية بما يؤثر على قيمة الأصول الرقمية، ويشهد سوق العملات المشفرة ميلاد عملات جديدة كل فترة لكل عملة مشروع وخلفية تقنية وحجم عرض وطلب يحدد قيمتها، وفي كثير من الأحيان تلقى العملات دعم قوى وشراء مرتفع عند طرحها في السوق إلا أن أداء المشروع والقائمين عليه ومدى نجاحه في تنفيذ الأهداف المطروحة يحدد بقوة مسار سعر العملة ومصير المستثمرين فيها.
تابع المزيد: الاستثمار في العملات الرقمية
التقلب الهائل في السعر
التقلب هو إحدى مخاطر الأصول الرقمية وهو مقياس لمدى ارتفاع أو انخفاض سعر الأصل بمرور الوقت وكلما زاد تقلب الأصل زادت مخاطر الاستثمار فيه، يعني ذلك أيضا زيادة احتمالية الحصول على عوائد أعلى أو تحقيق خسائر أكبر على فترات زمنية أقصر مقارنة بالأصول الأقل تقلب نسبيا، حيث أن العملات المشفرة متقلبة على نطاق واسع يشمل ذلك إمكانية حدوث تقلبات صعودية وهبوطية كبيرة على مدى فترات زمنية أقصر.
لا يمكن فصل التقلب عن مخاطر التهافت Run risk حيث أن العملات المستقرة غير مؤمنة، وقد لا تكون مدعومة بالفعل بجميع الأصول المثبتة التي تدعيها، و إذا فقد أصحاب العملات المستقرة الثقة وسارعوا إلى البيع والخروج، فقد يؤدي الذعر إلى حدوث تأثيرات سلبية على قيم أسعار الأصول.
مخاطر الطرف المقابل
إن مخاطر الطرف المقابل هي إحدى مخاطر الأصول الرقمية وهي تخلف طرف أو أكثر في معاملة مالية عن الوفاء بالتزاماته أو عدم الوفاء بها، وترتبط مخاطر بشكل خاص بأسواق المشتقات حيث قد تتجاوز القيم الاسمية حجم الأوراق المالية الأساسية بكثير.
صممت معاملات البلوك تشين لتكون غير قابلة للتغيير فبمجرد إرسال الأصول الرقمية إلى محفظة أخرى لا يمكن استعادتها ما يجعل معرفة هوية الطرف الآخر في المعاملة أمر بالغ الأهمية حيث لا توجد فرص للإعادة أو عمليات استرداد.
على الرغم من تعدد مخاطر الأصول الرقمية إلا أنها ما زالت تتمتع بجاذبية استثمارية فريدة تضمن لها أن تشكل وجه الاقتصاد المستقبلي القريب.
