هل التعويم يحسن الاقتصاد؟ إن تعويم العملة يتم من خلالها تحديد قيمتها بناء على العرض والطلب، يمثل أساس رئيسي في النظام المالي العالمي الحديث، هذا يختلف عن الأنظمة التي تعتمد على معدلات صرف ثابتة، حيث تكون هناك تدخلات حكومية للحفاظ على استقرار العملات، ومن خلال التعويم يمكن للأسواق التكيف بشكل أسرع مع التغيرات الاقتصادية العالمية، مثل التغيرات في السياسة الاقتصادية أو الأزمات المالية، في هذا السياق يؤدي إلى تعويم العملة إلى تحسين الشفافية ويعكس بشكل دقيق القوة الاقتصادية للدولة، كما يوفر للمستثمرين فرص استثمارية في البورصة، حيث يمكنهم الاستفادة من تحركات أسعار العملات في الأسواق المالية العالمية.
هل التعويم يحسن الاقتصاد؟

للإجابة على سؤال هل التعويم يحسن الاقتصاد؟ يؤثر تعويم العملة على قيمة النقد سواء بالارتفاع أو الانخفاض، بما يؤثر على الأسعار والتجارة الخارجية والنمو الاقتصادية بوجه عام.
حيث تختلف هذه الآثار باختلاف وضع البلد الذي يستخدم نظام تعويم العملة، وتأثيره على البلدان الصناعية المتقدمة يختلف تأثيره في البلدان النامية، ومنصة إنفست تبرز أهم هذه التأثيرات كالآتي:
التعويم العملة باتجاه ارتفاع سعر صرفها
إذا ما تسبب تعويم العملة في ارتفاع سعر صرفها مقابل باقي العملات، بمعنى ارتفاع سعر تعادلها مع العملات الأجنبية، كان لهذا الأمر تأثير سلبي على حركة الصادرات، وذلك بالنظر لارتفاع أسعار السلع المحلية بالنسبة للمستوردين الأجانب، مما يؤدي بدوره إلى انخفاض الطلب عليها.
وينتج عن ذلك زيادة في الواردات نتيجة لانخفاض أسعار السلع بالنسبة للمستوردين المحليين وبالتالي يحدث عجز بالميزان التجاري.
والذي قد يؤدي إلى تحفيز رؤوس الأموال المحلية على الاتجاه للاستثمار الخارجي بالنظر لتوفر فرصة استبدال وحدة العملة المحلية بعدد أكبر من وحدات العملة الأجنبية، الأمر الذي يكن له أثر سلبي على مدفوعات الدولة.
وتتأثر الصناعة المحلية نتيجة دخولها مجال تنافسي مع الواردات التي تزداد مع الانخفاض النسبي للسلع الأجنبية بالنسبة للمستوردين المحليين، الأمر الذي يعمل بدوره على إحداث تباطؤ في النمو الاقتصادي وتراجع عملية الإنتاج، ويؤدي تراجع العملية الإنتاجية إلى زيادة البطالة، مما يخل بالميزان التجاري.وهنا تكمن الإجابة التفصيلية عن هل التعويم يحسن الاقتصاد.
التعويم العملة في اتجاه انخفاض سعر صرفها

يؤدي تعويم العملة باتجاه انخفاض سعر صرفها، أو ما يطلق عليه انخفاض سعر معادلتها مع، إلى حدوث عكس ما ذكر من الآثار الاقتصادية المترتبة على رفع سعر العملة، إلا أنها تختلف في الدول الصناعية المتقدمة عنها في الدول النامية، ويرجع ذلك إلى مجموعة من الأسباب من أهمها.
يتسم الطلب الدولي على صادرات البلدان النامية بالمرونة العالية في غالب الأمر، في حين تكون العملية الإنتاجية لديها ضعيفة نسبيا بما يعيقها عن الوفاء بالطلب الخارجي، هذا إن وجد بالأساس، وبالتالي فإنها تلجأ إلى إتمام أغلب صفقاتها الخارجية باستخدام عملات أهم شركائه التجاريين، دون استخدام عملتها المحلية، مما يعمل بدوره على حصر حركة العملة المحلية بصورة كبيرة.
اقرأ المزيد: ماذا يعني تعويم العملة للمستثمر؟
ما هو التعويم للعملة؟

سعر الصرف العائم أو كما يطلق عليه تعويم العملة، هو التخلي عن سعر صرف العملة من خلال معادلتها مع عملات أخرى ليصير محرر تمام دون تدخل الحكومة أو البنك المركزي في تحديده مباشرة.
بحيث أنه ينشأ بشكل تلقائي بناء على آلية العرض والطلب في سوق العملات النقدية، والذي يتم من خلاله تحديد سعر صرف العملة المحلية في مقابلات العملات الأجنبية.
هل التعويم يحسن الاقتصاد؟ تظل أسعار صرف العملة العائمة تتغير باستمرار وفق تغيرات العرض والطلب على العملات الأجنبية بالشكل الذي قد يجعلها تتغير عدة مرات على مدار اليوم.
ولتبسيط معنى التعويم هو عدم تحديد سعر عملة دولة معينة وتركه يتحرك ويتغير أمام العملات الرئيسية بناء على نسبة العرض والطلب، بحيث يؤدي ازدياد الطلب على العملة إلى ارتفاع سعرها والعكس صحيح.
ومن هنا فإن البنوك المركزية لا تستهدف سعر محدد لعملاتها المحلية عند اتباعها لنهج التعويم المطلق، بل إن سعر العملة هنا يكون شبيه بسعر الذهب والمعادن الأخرى التي تخضع إلى التغيير اليومي في الأسواق العالمية، حتى أنه قد يتغير من ساعة لأخرى.
أنواع تعويم العملة
يتساءل البعض عن أنواع التعويم و هل التعويم يحسن الاقتصاد؟ وفيما يلي نوضح أهم أشكال تعويم العملة:
التعويم الخالص
يطلق عليه التعويم الحر وهو الحرية التامة لتغيير وتحديد سعر الصرف مع مرور الوقت وفق آلية العرض والطلب وقوى السوق دون تدخل الدولة في شيء سوى أن تتدخل السلطات النقدية للتأثير على سرعة تغير سعر الصرف فقط دون أن تتدخل في الحد من ذلك التغيير. ويتم اتباع ذلك النهج الحر لتعويم العملة في بعض البلدان المتقدمة ذات النظام الرأسمالي الصناعي، مثل الجنيه الاسترليني والفرنك السويسري والدولار الأمريكي.
التعويم الموجه
يعرف بالتعويم المدار وهو يتيح تحديد سعر الصرف بحسب آلية العرض والطلب وقوى السوق، مع تدخل الدولة في هذا النوع من التعويم من خلال بنكها المركزي عند الضرورة لتوجيه سعر الصرف نحو مسارات معينة مقابل العملات الأخرى، وذلك استجابة لمجموعة من المؤشرات، ومن بينها التساؤل المطروح حول هل التعويم يحسن الاقتصاد بالإضافة إلى مؤشرات تتضمن حجم الفجوة بين العرض والطلب في سوق العملات، والتغيرات التي تحدث في أسواق الصرف المشابهة، وكذلك المستويات الآجلة والفورية لأسعار الصرف، ويطبق هذا الأسلوب الموجه في بعض الدول ذات النظام الرأسمالي، إلى جانب عدد من الدول النامية التي ارتبط سعر صرف عملاتها سابق بالجنيه الإسترليني أو الفرنك الفرنسي أو الدولار الأمريكي أو حتى بسلة عملات.
أسباب تعويم العملة
يوجد العديد من الأسباب التي تضطر فيها الحكومية إلى تعويم عملتها، وتلك الأسباب تكون كالآتي:
- اختلاف معدلات النمو الاقتصادي بين أبرز الدول الصناعية المتقدمة، من خلال ظهور قوى اقتصادية كبرى مثل أوروبا الغربية واليابان، التي أصبحت تنافس الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما أعاد طرح تساؤل هل التعويم يحسن الاقتصاد في ظل هذا التحول.
- تأثير تباين معدلات التضخم بين الدول الصناعية على مستويات أسعار الفائدة، بالإضافة إلى انعكاس ذلك على تقلبات أسعار صرف العملات العالمية.
- تأثر ارتفاع مستوى الإنفاق الأمريكي، بما يتضمن الإنفاق على الاستثمارات الخارجية وتمويل حرب فيتنام، الأمر الذي أدى إلى تفاقم العجز في ميزانية المدفوعات الأمريكي.
- تزايد حدة التنافس وتعارض المصالح الاقتصادية بين الدول الصناعية المتقدمة خلال تلك المرحلة,
- الانهيار الذي أصاب نظام بريتون وودز نتيجة افتقار الاقتصاد الدولي للسيولة العالمية، بسبب تدفق الدولارات الأمريكية إلى الخارج الناجم عن عجز الميزان التجاري.
- تمويل موجات المضاربة الحادة، بالأخص مع اعتماد سوق الدولارات الأوروبية في تمويل المضاربات القوية التي شهدتها عملات مثل الفرنك الفرنسي والجنيه الإسترليني والليرة الإيطالية والمارك الألماني في أواخر الستينات، متأثرة باتساع حركة رؤوس الأموال المستخدمة في المضاربة المكثفة.
تظل الإجابة عن سؤال هل التعويم يحسن الاقتصاد مرتبطة بقدرة الدولة على إدارة الإصلاحات المصاحبة له، فالتعويم قد يعزز النمو ويجذب الاستثمارات، لكنه يحتاج إلى سياسات مالية قوية لضمان تحقيق نتائج مستدامة وتنمية اقتصادية حقيقية.
الأسئلة الشائعة
ما المقصود بتعويم العملة؟
هو تحرير سعر صرف العملة وتركه يتحدد حسب قوى العرض والطلب في السوق.
هل التعويم يحسن الاقتصاد مباشرة؟
لا تأثيره يحتاج وقت ويعتمد على السياسات الاقتصادية المرافقة.
هل التعويم يناسب جميع الدول؟
ليس بالضرورة، لأن نجاحه يعتمد على قوة الاقتصاد واستعداده للتعامل مع التقلبات.




